مطربة لبنانية من بيروت ذات صوت ملائكي استطاعت أن تأسر قلوب العديد من مستمعيها في جميع أنحاء الوطن العربي، ومعظم الدول الأجنبية، كما استطاعت أن تحتل مكانة مميزة في قلوب محبيها من عشاق فنها الجميل والطرب العربي الأصيل، ومما يدل على تميزها هي قدرتها على التربع على عرش الغناء على مر الأجيال المختلفة فحتى الآن تنال أغانيها إعجاب قطاع كبير من الشباب ونجدهم يرددونها في مختلف المناسبات، فصوتها الجميل يخرج من القلب ليسكن مباشرة القلب.
كانت عائلتها فقيرة انتقلت لتعيش في بيت بسيط في منطقة زقاق البلاط في بيروت وهي صغيرة. والدها هو وديع حداد فلسطيني من الناصرة وقد كان يعمل في مطبعة لوجور ووالدتها تدعى ليزا البستاني التي توفيت في نفس اليوم الذي سجلت فيه فيروز أغنية "يا جارة الوادي". اشتهرت منذ صغرها بغنائها بين أفراد العائلة وفي تجمعات الحي. بدأت عملها الفني في عام 1940 كمغنية كورس في الإذاعة اللبنانية عندما إكتشف صوتها الموسيقي محمد فليفل وضمها لفريقه الذي كان ينشد الأغاني الوطنية. وألف لها حليم الرومي مدير الإذاعة اللبنانة أول اغانيها ومن ثم عرفها على عاصي الرحباني الذي أطلقها في عالم النجومية.
تزوجت فيروز من عاصي الرحباني في عام 1955م، وأنجبت أربعة أبناء كان منهم زياد الرحباني الذي قام بتلحين عدد من الأغاني لوالدته قدمها في ألبوم " وحدن " عام 1981م، لتكتمل العائلة الفنية، وأبنائها الآخرين هم هالي، ليال، وريما والتي ظهرت معها في فيلم " بنت الحارس".
اسمها الفني فيروز (جاء هذا الاسم عندما قام الملحن الكبير حليم الرومي بتخييرها مابين اسمين كان اسم فيروز هو أحداهما والذي وقع اختيار فيروز عليه في النهاية ليصبح اسمها الفني والذي نالت به شهرتها في العديد من دول العالم)
ولدت فيروز في إحدى قرى قضاء الشوف في محافظة جبل لبنان
زوجها الراحل عاصي الرحباني الذي تزوجته في عام 1955 ، وأنجبت منه زياد عام 1956 ثم هالي عام 1958 وهو مقعد، ثم ليال عام 1960 (والتي توفيت بعام 1988) وأخيراً ريما عام 1965
المسيرة الفنية:
كانت البداية لمشوار فيروز الفني من خلال اكتشاف الأستاذ محمد فليفل لها وهو أحد الأخوين فليفل الذين قاما بتلحين النشيد الوطني السوري، وجاء هذا الاكتشاف من خلال حفلة المدرسة، وذلك في عام 1946م، حيث قام بالإعلان عن اكتشافه لصوت مذهل سوف يثري الساحة الغنائية في المستقبل.
ونظراً لكون فيروز تنتمي لعائلة محافظة فقد رفض والدها في البداية فكرة أن تصبح ابنته مطربة، لكن تمكن الملحن الأستاذ محمد فليفل من إقناعه من أن ابنته لن تغني إلا الأغاني الوطنية، وهو الأمر الذي أراح الأب قليلاً واشترط مرافقة أخوها لها في المرحلة المقبلة من الدراسة الفنية التي سوف تحصل عليها فيروز.
التحقت فيروز بالمعهد الوطني للموسيقى، وكان يرأسه حينذاك مؤلف الموسيقة الوطنية اللبناني السيد وديع صبرة، وبعد دخولها إلى المعهد بفترة قصيرة قامت فيروز بالانضمام إلى فرقة الإذاعة الوطنية اللبنانية، وهو الحلم الذي طالما تمنته فيروز.
كانت أولى أغانيها والتي عرفها من خلالها الجمهور هي أغنية " تركت قلبي وطاوعت حبك " والذي قام الملحن الكبير حليم الرومي بتلحينها لها وكان هو أول ملحن تعاملت معه فيروز، ثم توالت أغانيها وتوالى أيضاً العديد من الملحنين التي قامت فيروز بالتعامل معهم في هذه الفترة نذكر منهم: مدحت عاصم، سليم الحلو، محمد محسن وغيرهم الكثير، كما قام حليم الرومي بتقديمها إلى الأخوين رحباني" منصور وعاصي"، وجاءت المشاركة الفنية بين عاصي الرحباني وفيروز مع عدد من الأغاني المميزة مثل " نحن والقمر جيران" وبعض الأغاني الشعبية، ونالت أعمال فيروز مع الرحبانية شهرة واسعة.
وكانت أغنية فيروز " عتاب " التي غنتها في عام 1957م، وعمل على تلحينها الأخوين رحباني بداية لشهرة واسعة لهم جميعاً في العالم العربي حيث تم دعوتهم أكثر من مرة من قبل عدد من الإذاعات العربية لتقديم أعمالهم بها من هذه الإذاعات محطة إذاعة دمشق بسوريا، وإذاعة صوت العرب المصرية، ففي عام 1955م قام الإذاعي المصري الكبير أحمد سعيد بالاتفاق معهم، من أجل الغناء في إذاعة صوت العرب المصرية، وبالفعل حضرت فيروز إلي مصر، حيث قامت بتقديم العديد من الأعمال الرائعة هي والأخوين رحباني في خلال هذه الفترة، كما قدمت دويتو غنائي مع الفنان المصري كارم محمود.
كانت أولى لقاءات فيروز المباشرة مع الجمهور اللبناني من خلال الحفلة التي أقيمت في معبد جوبيتر الروماني في مدينة بعلبك في عام 1957م
كانت انطلاقتها الجدية عندما بدأت الغناء لعاصي الرحباني، وكانت الأغاني التي غنتها في ذلك الوقت تملأ كافة القنوات الإذاعية، وبدأت شهرتها في العالم العربي منذ ذلك الوقت. كانت أغلب أغانيها آنذاك للأخوين عاصي ومنصور الرحباني الذين يشار لهما دائما بالأخوين رحباني.
قدم الأخوين رحباني معها المئات من الأغاني التي أحدثت ثورة في الموسيقى العربية وذلك لتميزها بقصر المدة وقوة المعنى على عكس الأغاني العربية السائدة في ذلك الحين والتي كانت تمتاز بالطول، كما إنها كانت بسيطة التعبير وفي عمق الفكرة الموسيقية وتنوع المواضيع، حيث غنت الحب والأطفال، وللقدس لتمسكها بالقضية الفلسطينية، وللحزن والفرح والوطن والأم، وقدم عدد كبير من هذه الأغاني ضمن مجموعة مسرحيات من تأليف وتلحين الأخوين رحباني وصل عددها إلى خمس عشرة مسرحية تنوعت مواضيعها بين نقد الحاكم والشعب وتمجيد البطولة والحب بشتى أنواعه.
وقد غنت لعديد من الشعراء والملحنين ومنهم ميخائيل نعيمة بقصيدة تناثري، كما إنها غنتأمام العديد من الملوك والرؤساء وفي أغلب المهرجانات الكبرى في العالم العربي. وأطلق عليها عدة ألقاب منها "سفيرتنا إلى النجوم" الذي أطلقه عليها الشاعر سعيد عقل للدلالة على رقي صوتها وتميزه.
بعد وفاة زوجها عاصي عام 1986 خاضت تجارب عديدة مع مجموعة ملحنين ومؤلفين من أبرزهم فلمون وهبة وزكي ناصيف، لكنها عملت بشكل رئيسي مع ابنها زياد الذي قدم لها مجموعة كبيرة من الأغاني أبرزت موهبته وقدرته على خلق نمط موسيقي خاص به يستقي من الموسيقى العربية والموسيقى العالمية.
وقد أصدرت خلال هذه المرحلة العديد من الألبومات من أبرزها "كيفك انت"، "فيروز في بيت الدين 2000" والذي كان تسجيلاً حياً من مجموعة حفلات أقامتها فيروز بمصاحبة ابنها زياد وأوركسترا تضم عازفين أرمن وسوريين ولبنانيين، وكانت البداية لسلسلة حفلات حظيت بنجاح منقطع النظير لما قدمته من جديد على صعيد التوزيع الموسيقي والتنوع في الأغاني بين القديمة والحديثة، ألبوم ولا كيف عام 2001 كان آخر ما قدمته من ألبومات عديدة.